عليه لما بينهما من المهلة بأداة التراخي فقال: ﴿ثم﴾ أي نمد أجلكم ﴿لتبلغوا﴾ بالانتقال في أسنان الأجسام فيما بين الرضاع، إلى حال اليفاع، إلى زمان الاحتلام، وقوة الشباب والتمام ﴿أشدكم﴾ أي نهاية كل شدة قدرناها لكل واحد منكم ﴿ومنكم من يتوفى﴾ قبل ما بعد ذلك من سن الشيخوخة ﴿ومنكم من يرد﴾ بالشيخوخة، وبناه للمجهول إشارة إلى سهولته عليه مع استبعاده لولا تكرر المشاهدة عند الناظر لتلك القوة والنشاط وحسن التواصل بين أعضائه والارتباط ﴿إلى أرذل العمر﴾ وهو سن الهرم فينقص جميع قواه ﴿لكيلا يعلم﴾.
ولما كان السياق للقدرة على البعث الذي هو التحويل من حال الجمادية إلى ضده بغاية السرعة، أثبت «من» الابتدائية للدلالة على قرب زمن الجهل من زمن العلم، فربما بات الإنسان في غاية الاستحضار لما يعلم والحذق فيه فعاد في صبيحة ليلته أو بعد أيام يسيرة جداً من غير كبير تدريج لا يعلم شيئاً، وأفهم إسقاط حرف الانتهاء أنه ربما عاد إليه علمه، وربما اتصل جهله بالموت بخلاف ما مضى في النحل فقال: ﴿من بعد علم﴾ كان أوتيه ﴿شيئاً﴾ بل يصير كما كان طفلاً في ضعف الجواهر والأعراض، لتعلموا أن ذلك كله فعل الإله الواحد المختار، وأنه لو كان فعل الطبيعة لازداد بطول البقاء نمواً في جميع ذلك، وقد علم - بعود الإنسان في ذهاب العلم وصغر الجسم إلى نحو


الصفحة التالية
Icon