قال نافياً ما يوهمه إعراء الظرف من الجار: ﴿ثم إنكم﴾ وعين البعث الأكبر التام، الذي هو محط الثواب والعقاب، لأن من أقر بما هو دونه من الحياة في القبر وغيرها، فقال: ﴿يوم القيامة﴾ أي الذي يجمع فيه جميع الخلائق ﴿تبعثون*﴾ فنقصه عن تأكيد الموت تنبيهاً على ظهوره، ولم يخله عن التأكيد لكونه على خلاف العادة، وليس في ذكر هذا نفي للحياة في القبر عند السؤال.
ولما بين لهم أن فكرهم فيهم يكفيهم، ولاعتقاد البعث يعنيهم، أتبعه دليلاً آخر بالتذكير بخلق ما هو أكبر منهم، وبتدبيرهم بخلقه وخلق ما فيه من المنافع لاستبقائهم، فقال: ﴿ولقد خلقنا قوقكم﴾ في جميع جهة الفوق في ارتفاع لا تدركونه حق الإدراك ﴿سبع﴾ ولإرادة التعظيم أضاف إلى جمع كثرة فقال: ﴿طرائق﴾ أي سماوات لا تتغير عن حالتها التي دبرناها عليها إلى أن نريد، وبعضها فوق بعض متطابقة، وكل واحدة منها على طريقة تخصها، وفيها طرق لكواكبها؛ قال الإمام عبد الحق الإشبيلي في كتابه الواعي: سميت طرائق لأنها مطارقة بعضها في أثر بعض - انتهى. وهذا من قولهم: فلان على طريقة - أي حالة - واحدة، وهذا مطراق هذا، أي تلوه ونظيره، وريش طراق - إذا كان بعضه فوق بعض. وقال ابن القطاع:


الصفحة التالية
Icon