وفي قلبه كنيسة بنيت على اسم موسى عليه السلام بأساطين رخام، أبوابها من الصفر والحديد، وسقفها من خشب الصنوبر، وأعلى سقوفها أطباق رصاص قد أحكمت بغاية الإحكام، وليس فيها إلا رجل راهب يصلي ويدخن ويسرج قناديلها، ولا يمكن أحداً أن ينام فيها البتة، وقد اتخذ هذا الراهب لنفسه خارجاً من الكنيسة بيتاً صغيراً يأوي فيه، وهذه الكنيسة بنيت في المكان الذي كلم الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام، وحواليه - أي حوالي الجبل - من أسفله ستة آلاف ما بين دير وصومعة للرهبان والمتعبدين، كان يحمل إليهم خراج مصر في أيام ملك الروم للنفقة على الديارات وغيرها، وليس اليوم بها إلا مقدار سبعين راهباً يأوون في الدير الذي داخل الحصن، وفي أكثرها يأوي أعراب بني رمادة، وعلى الجبل مائة صومعة، وأشجار هذا الجبل اللوز والسرو، وإذا هبطت من الطور أشرفت على عقبة تهبط منها فتسير خطوات فتنتهي إلى دير النصراني: حُصين عليه سور من حجارة منحوتة ذات شرف عليه بابان من حديد، وفي جوف هذا الدير عين ماء عذب، وعلى هذه العين درابزين من نحاس لئلا يسقط في العين أحد، وقد هيىء براتج رصاص يجري فيها الماء إلى كروم لهم حول الدير، ويقال: إن هذا الدير هو الموضع الذي رأى موسى عليه السلام فيه النار في الشجرة العليق، وقبلة من بها دبر الكعبة، وفيه


الصفحة التالية
Icon