الثناء أعظم مهيج على إجابة الدعاء، وكان التقدير، فأنت خير الحاملين، عطف عليه قوله: ﴿وأنت خير المنزلين*﴾ لأنك تكفي نزيلك كل ملم، وتعطيه كل مراد.
ولما كانت هذه القصة من أغرب القصص، حث على تدبرها بقوله: ﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم الذي ذكر من أمر نوح وقومه وكذا ما هو مهاد له ﴿لآيات﴾ أي علامات دالات على صدق الأنبياء في أن المؤمنين هم المفلحون، وأنهم الوارثون للأرض بعد الظالمين وإن عظمت شوكتهم، واشتدت صولتهم ﴿وإن﴾ أي وإنا بما لنا من العظمة ﴿كنا﴾ بما لنا من الوصف الثابت الدال على تمام القدرة ﴿لمبتلين*﴾ أي فاعلين فعل المختبر لعبادنا بإرسال الرسل ليظهر في عالم الشهادة الصالحُ منهم من غيره، ثم نبتلي الصالحين منهم بما يزيد حسناتهم، وينقص سيئاتهم، ويعلي درجاتهم، ثم نجعل لهم العاقبة فنبلي بهم الظالمين بما يوجب دمارهم، ويخرب ديارهم، ويمحو آثارهم، هذه عادتنا المستمرة إلى أن نرث الأرض ومن عليها فيكون البلاء المبين.
ولما بين سبحانه وتعالى تكذيبهم وما عذبهم به، وكان القياس موجباً لأن من يأتي يعدهم يخشى مثل مصرعهم، فيسلك غير سبيلهم،


الصفحة التالية
Icon