ويقول غير قيلهم، بين أنه لم تنفعهم العبرة، فارتكبوا مثل أحوالهم، وزادوا على أقوالهم وأفعالهم، لإرادة ذلك من الفاعل المختار، الواحد القهار، وأيضاً فإنه لما كان المقصود - مع التهديد والدلالة على القدرة والاختيار - الدلالة على تخصيص المؤمنين بالفلاح والبقاء بعد الأعداء، وكان إهلاك المترفين أدل على ذلك، اقتصر على ذكرهم وأبهمهم ليصح تنزيل قصتهم على كل من ادعى فيهم الإتراف من الكفرة، ويترجح إرادة عاد لما أعطوا مع ذلك من قوة الأبدان وعظم الأجسام، وبذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما، وإرادة ثمود لما في الشعراء والقمر مما يشابه بعض قولهم هنا، وللتعبير عن عذابهم بالصيحة ولموافقتهم لقوم نوح في تعليل ردهم بكونه بشراً، وطوى الإخبار عمن بعدهم بغير التكذيب والإهلاك لعدم الحاجة إلى ذكر شيء غيره، فقال: ﴿ثم أنشأنا﴾ أي أحدثنا وأحيينا وربينا بما لنا من العظمة. ولما لم يستغرقوا زمان البعد، أتى بالجار فقال: ﴿من بعدهم قرناً﴾ أي أمة وجيلاً. ولما كان ربما ظن ظان أنهم فرقة من المهلكين نجوا من عذاب سائرهم كما يكون في حروب سائر الملوك، عبر عن