لكم وقاية مما ينبغي الخوف منه فتجعلوا وقاية تحول بينكم وبين سخط الله.
ولما كان التقدير: فلم يؤمنوا ولم يتقوا دأب قوم نوح، عطف عليه قوله: ﴿وقال الملأ﴾ أي الأشراف الذين تملأ رؤيتهم الصدور، فكأن ما اقترن بالواو أعظم في التسلية مما خلا منها على تقدير سؤال لدلالة هذا على ما عطف عليه. ولما كانت القبائل قد تفرغت بتفرق الألسن، قدم قوله: ﴿من قومه﴾ اهتماماً وتخصيصاً للإبلاغ في التسلية ولأنه لو أخر لكان بعد تمام الصلة وهي طويلة؛ ثم بين الملأ بقوله: ﴿الذين كفروا﴾ أي غطوا ما يعرفون من أدلة التوحيد والانتقام من المشركين ﴿وكذبوا بلقاء الآخرة﴾ لتكذيبهم بالبعث.
ولما كان من لازم الشرف الترف، صرح به إشارة إلى أنه - لظن كونه سعادة في الدنيا - قاطع في الغالب عن سعادة الآخرة، لكونه حاملاً على الأشر والبطر والتكبر حتى على المنعم، فقال: ﴿وأترفناهم﴾ أي والحال أنا - بما لنا وعلى ما لنا من العظمة - نعمناهم ﴿في الحياة الدنيا﴾ أي الدانية الدنيئة، بالأموال والأولاد وكثرة السرور، يخاطبون أتباعهم: ﴿ما هذا﴾ أشاروا إليه تحقيراً له عند المخاطبين ﴿إلا بشر مثلكم﴾ أي في الخلق والحال؛ ثم


الصفحة التالية
Icon