جميعاً وإنجاء الرسل ومن صدقهم والمخالفة بينهم في نوع العذاب - أنا نحن الفاعلون بهم ذلك باختيارنا لا الدهر، وأنا ما فعلنا ذلك إلا بسبب التكذيب.
ولما كانوا قد ذهبوا لم يبق عند الناس منهم إلا أخبارهم، جعلوا إياها، فقال: ﴿وجعلناهم أحاديث﴾ أي أخباراً يسمر بها ويتعجب منها ليكونوا عظة للمستبصرين فيعلموا أنه لا يفلح الكافرون ولا يخيب المؤمنون، وما أحسن قول القائل:

ولا شيء يدوم فكن حديثاً جميل الذكر فالدنيا حديث
ولما تسبب عن تكذيبهم هلاكهم المقتضي لبعدهم فقال: ﴿فبعداً لقوم﴾ أي أقوياء على ما يطلب منهم ﴿لا يؤمنون*﴾ أي لا يتجدد منهم إيمان وإن جرت عليهم الفصول الأربعة، لأنه لا مزاج لهم معتدل.
ولما كان آل فرعون قد أنكروا الإيمان لبشر مثلهم كما قال من تقدم ذكره من قوم نوح والقرن الذي بعدهم، وكانوا أترف أهل زمانهم، وأعظمهم قوة، وأكثرهم عدة، وكانوا يستعبدون بني إسرائيل، وكان قد نقل إلينا من الآيات التي أظهر رسولهم ما لم ينقل إلينا مثله لمن تقدمه، صرح سبحانه بهم، وكأن الرسالة إليهم كانت بعد فترة طويلة، فدل عليها بحرف التراخي فقال: ﴿ثم أرسلنا﴾ أي بما لنا


الصفحة التالية
Icon