ولما كان الخطاب في هذه السورة كلها للخلص من الأنبياء ومن تبعهم من المؤمنين، قال: ﴿فاتقون*﴾ أي اجعلوا بينكم وبين غضبي وقاية من جمع عبادي بالدعاء إلى وحدانيتي بلا فرقة أصلاً، بخلاف سورة الأنبياء المصدرة بالناس فإن مطلق العبارة أولى بدعوتها.
ولما كان من المعلوم قطعاً أن التقدير: فاتقى الأنبياء الله الذي أرسلهم وتجشموا حمل ما أرسلهم به من عظيم الثقل، فدعوا العباد إليه وأرادوا جمعهم عليه، عطف عليه بفاء السبب قوله معبراً بفعل التقطع لأنه يفيد التفرق: ﴿فتقطعوا﴾ أي الأمم، وإنما أضمرهم لوضوح إرادتهم لأن الآية التي قبلها قد صرحت بأن الأنبياء ومن نجا معهم أمة واحدة لا اختلاف بينها، فعلم قطعاً أن الضمير للأمم ومن نشأ بعدهم، ولذلك كان النظر إلى الأمر الذي كان واحداً أهم، فقدم قوله: ﴿أمرهم﴾ أي في الدين بعد أن كان مجتمعاً متصلاً ﴿بينهم﴾ فكانوا شيعاً، وهو معنى ﴿زبراً﴾ أي قطعاً، كل قطعة منها في غاية القوة والاجتماع والثبات على ما صارت إليه من الهوى والضلال، بكل شيعة طريقة في الضلال عن الطريق الأمم، والمقصد المستقيم،