كلهم ﴿لا يظلمون*﴾ من ظالم ما بزيادة ولا نقص في عمل ولا جزاء.
ولما كان التقدير: ولكنهم بذلك لا يعلمون، قال: ﴿بل قلوبهم﴾ أي الكفرة من الخلق؛ ويجوز أن يكون هذا الإضراب بدلاً من قوله ﴿بل لا يشعرون﴾ ﴿في غمرة﴾ أي جهالة قد أغرقتها ﴿من هذا﴾ أي الذي أخبرنا به من الكتاب الحفيظ فهم به كافرون ﴿ولهم أعمال﴾ وأثبت الجار إشارة إلى أنه لا عمل لهم يستغرق الدون فقال: ﴿من دون ذلك﴾ أي مبتدئة من أدنى رتبة التكذيب من سائر المعاصي لأجل تكذيبهم بالكتاب المستلزم لتكذيبهم بالبعث المستلزم لعدم الخوف المستلزم للإقدام على كل معضلة ﴿هم لها﴾ أي دائماً ﴿عاملون*﴾ لا شيء يكفهم إلا عجزهم عنها.
ولما كانوا كالبهائم لا يخافون من المهلكة إلا عند المشاهدة، غيَّى عملهم للخبائث بالأخذ فقال: ﴿حتى إذا أخذنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿مترفيهم﴾ الذين هم الرؤساء القادة ﴿بالعذاب﴾ فبركت عليهم كلاكله، وأناخت بهم أعجازه وأوائله ﴿إذا هم﴾ كلهم المترف ومن تبعه من باب الأولى ﴿يجئرون*﴾ أي يصرخون ذلاًّ وانكساراً وجزعاً من غير مراعاة لنخوة، لا استكباراً، وأصل الجأر رفع الصوت


الصفحة التالية
Icon