قيل: فما حكم ما قال؟ فقال معرضاً عنه إيذاناً بالغضب: ﴿إنها كلمة﴾ أي مقالته ﴿رب ارجعون﴾ - إلى آخره، كلمة ﴿هو قائلها﴾ وقد عرف من الخداع والكذب فهي كما عهد منه لا حقيقة لها.
ولما كان التقدير: فهو لا يجاب إليها، عطف عليه قوله، جامعاً معه كل من ماثله لأن عجز الجمع يلزم منه عجز الواحد: ﴿ومن ورائهم﴾ أي من خلفهم ومن أمامهم محيط بهم ﴿برزخ﴾ أي حاجز بين ما هو فيه وبين الدنيا والقيامة مستمر لا يقدر أحد على رفعه ﴿إلى يوم يبعثون*﴾ أي تجدد بعثهم بأيسر أمر وأخفه وأهونه.
ولما غيَّى ذلك بالبعث فتشوفت النفس إلى ما يكون بعده، وكان قد تقدم أن الناس - بعد أن كانوا أمة واحدة في الاجتماع على ربهم - تقطعوا قطعاً، وتحزبوا أحزاباً، وتعاضدوا بحكم ذلك وتناصروا، قال نافياً لذلك: ﴿فإذا نفخ﴾ أي بأسهل أمر النفخة الثانية وهي نفخة النشور، أو الثالثة للصعق ﴿في الصور﴾ فقاموا من القبور


الصفحة التالية
Icon