ثم استأنف قوله: ﴿تلفح﴾ أي تغشى بشديد حرها وسمومها ووهجها ﴿وجوههم النار﴾ فتحرقها فما ظنك بغيرها ﴿وهم فيها كالحون*﴾ أي متقلصو الشفاه عن الأسنان مع عبوسة الوجوه وتجعدها وتقطبها شغل من هو ممتلىء الباطن كراهية لما دهمه من شدة المعاناة وعظيم المقاساة في دار التجهم، كما ترى الرؤس المشوية، ولا يناقض نفي التساؤل هنا إثباته في غيره لأنه في غير تناصر بل في التلاوم والتعاتب والتخاصم على أن المقامات في ذلك اليوم طويلة وكثيرة، فالمقالات والأحوال لأجل ذلك متباينة وكثيرة، وسيأتي عن ابن عباس رضي الله عنهما في سورة الصافات نحو ذلك.
ولما جرت العادة بأن المعذب بالفعل يضم إليه القيل، أجيب من قد يسأل عن ذلك بقوله: ﴿ألم﴾ أي يقال لهم في تأنيبهم وتوبيخهم: ألم ﴿تكن آياتي﴾ التي انتهى عظمها إلى أعلى المراتب بإضافتها إليّ. ولما كان مجرد ذكرها كافياً في الإيمان، نبه على ذلك بالبناء للمفعول: ﴿تتلى عليكم﴾ أي تتابع لكم قراءتها في الدنيا شيئاً فشيئاً. ولما كانت سبباً للإيمان فجعلوها سبباً للكفران، قال: ﴿فكنتم﴾ أي كوناً أنتم عريقون فيه ﴿بها تكذبون*﴾ وقدم الظرف


الصفحة التالية
Icon