أي شهادة كانت ﴿أبداً﴾ للحكم بافترائهم، ومن ثبت افتراؤه سقط الوثوق بكلامه.
ولما كان التقدير: فإنهم قد افتروا، عطف عليه تحذيراً من الإقدام عن غير تثبيت: ﴿وأولئك﴾ أي الذين تقدم ذمهم بالقذف فسفلت رتبتهم جداً ﴿هم الفاسقون*﴾ أي المحكوم بفسقهم الثابت لهم هذا الوصف وإن كان القاذف منهم محقاً في نفس الأمر.
ولما كان من أصل الشافعي رحمه الله أن الاستثناء المتعقب للجمل المتواصلة المتعاطفة بالواو عائد إلى الجميع سواء كانت من جنس أو أكثر إلا إذا منعت قرينة، أعاد الاستثناء هنا إلى الفسق ورد الشهادة دون الحكم بالجلد، لأن من تمام التوبة الاستسلام للحد والاستحلال منه، ولقرينة كونه حق آدمي وهو لا يسقط بالتوبة، في قوله تعالى: ﴿إلا الذين تابوا﴾ أي رجعوا عما وقعوا فيه من القذف وغيره وندموا عليه وعزموا على أن لا يعودوا كما بين في البقرة في قوله تعالى ﴿إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا﴾ [البقرة: ١٦٠] وأشار إلى أن الجلد لا يسقط بالتوبة بقوله مشيراً بإدخال الجار إلى أن قبولها لا يتوقف على استغراقها الزمان الآتي: ﴿من بعد ذلك﴾ أي الأمر الذي أوجب إبعادهم وهو الرمي


الصفحة التالية
Icon