﴿في الذين آمنوا﴾ ولو كانوا في أدنى درجات الإيمان فكيف بمن تسنم ذروته، وتبوأ غايته ﴿لهم عذاب أليم﴾ ردعاً لهم عن إرادة إشاعة مثل ذلك لما فيه من عظيم الأذى ﴿في الدنيا﴾ بالحد وغيره مما ينتقم الله منهم به ﴿والآخرة﴾ فإن الله يعلم هل كفر الحد عنهم جميع مرتكبهم أم لا ﴿والله﴾ أي المستجمع لصفات الجلال والجمال ﴿يعلم﴾ أي له العلم التام، فهو يعلم مقادير الأشياء ما ظهر منها وما بطن وما الحكمة في ستره أو إظهاره أو غير ذلك من جميع الأمور ﴿وأنتم لا تعلمون*﴾ أي ليس لكم علم من أنفسكم فاعلموا بما علمكم الله، ولا تتجاوزوه تضلوا.
ولما ختم بالحكم عليهم بالجهل، وكان التقدير كما أرشد إليه ما يأتي من العطف على غير معطوف: فلولا فضل الله عليكم ورحمته بكم لعجل هلاك المحبين لشيوع ذلك بعذاب الدنيا ليكون موصولاً بعذاب الآخرة، عطف عليه قوله مكرراً التذكير بالمنة بترك المعاجلة حاذفاً الجواب، منبهاً بالتكرير والحذف على قوة المبالغة وشدة التهويل: ﴿ولولا فضل الله﴾ أي الحائز لجميع الجلال والإكرام ﴿عليكم ورحمته﴾ بكم ﴿وأن﴾ أي ولولا أن ﴿الله﴾ أي الذي له القدرة التامة فسبقت رحمته غضبه ﴿رؤوف﴾ بكم في نصب ما يزيل جهلكم بما يحفظ