من الدنايا إلى المعالي ﴿ورحمته﴾ لكم بإكرامكم ورفعتكم بشرع التوبة المكفرة لما جرّ إليه الجهل من ناقص الأقوال وسفاف الأفعال ﴿ما زكى﴾ أي طهر ونما ﴿منكم﴾ وأكد الاستغراق بقوله: ﴿من أحد﴾ وعم الزمان بقوله: ﴿أبداً ولكن الله﴾ أي بجلاله وكماله ﴿يزكي﴾ أي يطهر وينمي ﴿من يشاء﴾ من عباده، من جميع أدناس نفسه وأمراض قلبه، وإن كان العباد وأخلاقهم في الانتشار والكثرة بحيث لا يحصيهم غيره، فلذلك زكى منكم من شاء فصانه عن هذا الإفك، وخذل من شاء.
ثم ختم الآية بما لا تصح التزكية بدونه فقال: ﴿والله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿سميع﴾ أي لجميع أقولهم ﴿عليم*﴾ بكل ما يخطر في بالهم، وينشأ عن أحوالهم وأفعالهم، فهو خبير بمن هو أهل للتزكية ومن ليس بأهل لها، فاشكروا الله على تزكيته لكم من الخوض في مثل ما خاض فيه غيركم ممن خذله نوعاً من الخذلان، واصبروا على ذلك منهم، ولا تقطعوا إحسانكم عنهم، فإن ذلك يكون زيادة في زكاتكم، وسبباً لإقبال من علم فيه الخير منهم، فقبلت توبته، وغسلت حوبته، وهذا المراد


الصفحة التالية
Icon