أنه قيل له: إن ههنا رجلاً يتكلم في المشيئة، فقال له علي: يا عبد الله خلقك الله كما شاء أو كما شئت؟ قال: بل كما شاء، قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء، قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: بل إذا شاء، قال: فيدخلك حيث شئت أو حيث يشاء؟ قال: بل حيث يشاء، قال: والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف، وقد مر في سورة يوسف عند
﴿إن الحكم إلا لله عليه توكلت﴾ [يوسف: ٦٧] ما ينفع هنا.
ولما قسم الناس إلى مخالف ومؤالف، أتبعه جزاءهم بما يرغب المؤالف ويرهب المخالف على وجه موجب للأمر بالمعروف الذي من جملته الجهاد لوجهه خالصاً فقال: ﴿هذان﴾ أي الساجد والجاحد من جميع الفرق ﴿خصمان﴾ لا يمكن منهما المسالمة الكاملة إذ كل منهما في طرف.
ولما أشار بالتثنية إلى كل فرقة منهم صارت - مع كثرتها وانتشارها باتحاد الكلمة في العقيدة - كالجسد الواحد، صرح بكثرتهم بالتعبير بالجمع فقال: ﴿اختصموا﴾ أي أوقعوا الخصومة بغاية الجهد، ولما كانت الفرق المذكورة كلها مثبتة وقد جحد أكثرهم


الصفحة التالية
Icon