الذي لا كفوء له فلا اعتراض عليه ﴿يرزق من يشاء﴾. ولما كان المعنى: رزقاً يفوق الحد، ويفوت العد، عبر عنه بقوله: ﴿بغير حساب*﴾ فهو كناية عن السعة، ويجوز أن يكون مع السعة التوفيق، فيكون بشارة بنفي الحساب في الآخرة أيضاً أصلاً ورأساً، لأن ذلك المرزوق لم يعمل ما فيه درك عليه فلا يحاسب، أو يحاسب ولا يعاقب؛ فيكون المراد بنفي الحساب نفي عسره وعقابه، ويجوز أن يزاد الرزق كفافاً، وقد ورد أنه لا حساب فيه؛ روى ابن كثير من عند ابن أبي حاتم بسنده عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء منادٍ فنادى بصوت يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، فيقومون وهم قليل، ثم يحاسب سائر الخلائق».
ولما أخبر تعالى أن الذين اتبعوا نور الحق سبحانه، وصلوا - من جزائه بسبب ما هداهم إليه النور من الأعمال الصالحة - إلى حقائق هي في نفس الأمر الحقائق، أخبر عن أضدادهم الذين اتبعوا الباطل فحالت


الصفحة التالية
Icon