بالإيجاد، ومعنى بجعل الموجودات آيات مرئيات تدل على موجدها، قال تعالى دالاً على ما أخبر به من أنه وحده نور السماوات والأرض، أي موجدهما بعلمه وقدرته ومن أن من كساه من نوره فإن في يوم البعث الذي يجازي فيه الخلق على ما يقتضيه العلم الذي هو النور في الحقيقة من مقادير أعمالهم، ومن أعراه من النور هلك: ﴿ألم تر﴾ أي تعلم يا رأس الفائزين برتبة الإحسان علماً هو في ثباته كما بالمشهادة ﴿أن الله﴾ الحائز لصفات الكمال ﴿يسبح له﴾ أي ينزه عن كل شائبة نقص لأجله خاصة بما له فيه من القدرة الكاملة ﴿من في السماوات﴾.
ولما كان مبنى السورة على شمول العلم والقدرة لم يؤكد فقال: ﴿والأرض﴾ أي هما وكل ما فيهما بلسان حاله، أو آلة مقاله، وعرف أن المراد العموم بعطفه بعض ما لا يعقل، وعبر ب «من» لأن المخبر به من وظائف العقلاء.
ولما كان أمر الطير أدل لأنه أعجب، قال مخصصاً: ﴿والطير صافات﴾ أي باسطات أجنحتها في جو السماء، لا شبهة في أنه لا يمسكهن إلا الله، وإمساكه لها في الجو مع أنها أجرام ثقيلة، وتقديره لها فيه على القبض والبسط حجة قاطعة على كمال قدرته.


الصفحة التالية
Icon