بقوة المطر، ونذيراً بنزول الصواعق؛ ثم ذكر ما هو أدل على الاختيار، فقال مترجماً لما مضى بزيادة: ﴿يقلب الله﴾ أي الذي له الأمر كلهه بتحويل الظلام ضياء والضياء ظلاماً، والنقص تارة والزيادة أخرى، مع المطر تارة والصحو أخرى ﴿الليل والنهار﴾ فينشأ عن ذلك التقليب من الحر والبرد والنمو والينوع واليبس ما يبهر العقول؛ ولهذا قال منبهاً على النتيجة: ﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم الذي ذكر من جميع ما تقدم ﴿لعبرة لأولي الأبصار*﴾ أي النافذة، والقلوب الناقدة، يعبرون منها إلى معرفة ما لمدبر ذلك من القدرة التامة والعلم الشامل الدال قطعاً على الوحدانية.
ولما ذكر أولاً أحوال الخافقين دليلاً على وحدانيته، وفصل منها الآثار العلوية، فذكر ما يسقي الأرض، وطوى ذكر ما ينشأ عنه من النبات للعلم به، ذكر أحوال ما يتكون به من الحيوانات دليلاً ظاهراً على الإعادة، وبرهاناً قاهراً على المنكرين لها فقال: ﴿والله﴾ أي الذي له العلم الكامل والقدرة الشاملة ﴿خلق كل دآبة﴾ أي مما تقدم أنه يسبح له.
ولما ذكر أنواعاً من الحيوان، نكر بخلاف ما في الأنبياء فقال: ﴿من ماء﴾ أي دافق هو أعظم أجزاء مادته كما خلق النبات من ماء «هامر» كذلك، وفاوت بينه مع كون الكل من الماء الهامر


الصفحة التالية
Icon