﴿جهد أيمانهم﴾ أي غاية الإقسام ﴿لئن أمرتهم﴾ أي بأمر من الأمور ﴿ليخرجن﴾ مما هم ملتبسون به من خلافه، كائناً ما كان، إلى ما أمرتهم به، وذلك أنهم كانوا يقولون لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أينما كنت نكن معك، إن خرجت خرجنا، وإن أقمت أقمنا، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا - قاله البغوي. فكأنه قيل: ماذا تفعل في اختبارهم؟ فقيل: الأمر أوضح من ذلك، فإن لكل حق حقيقة، ولكل فعل أدلة ﴿قل﴾ أي لهم: ﴿لا تقسموا﴾ أي لا تحلفوا فإن العلم بما أنتم عليه لا يحتاج إلى الإقسام، ولكن المحرك لكم إلى الخروج محبة الامتثال لا إلزام الإقسام، وفيه إشارة إلى أنهم أهل للاتهام، وكذا قال المتنبي:

وفي يمينك فيما أنت واعده ما دل أنك في الميعاد متهم
ثم علل ذلك بقوله: ﴿طاعة﴾ أي هذه الحقيقة ﴿معروفة﴾ أي منكم ومن غيركم، وإرادة الحقيقة هو الذي سوغ الابتداء بها مع تنكير لفظها لأن العموم الذي تصلح له كما قالوا من أعرف المعارف،


الصفحة التالية
Icon