والأخرى، فكان قاطعاً على علم منزله، ومن علمه الباهر إنزاله ﴿على عبده﴾ أي الذي لا أحق منه بإضافته إلى ضميره الشريف، لأنه خالص له، لا شائبة لغيره فيه أصلاً، ولم يحز مخلوق ما حاز من طهارة الشيم، وارتفاع الهمم، ولا شك أن الرسول دال على مرسله في مقدار علمه، وكثرة جنده، واتساع ملكه ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالاته﴾ [الأنعام: ١٢٤] ثم علل إنزاله عليه بقوله: ﴿ليكون﴾ أي العبد أو الفرقان.
ولما كان العالم ما سوى الله، وكان ربما ادعى مدع أن المراد البعض، لأنه قد يطلق اللفظ على جزء معناه بدلالة التضمن، وكان الجمع لا بد أن يفيد ما أفاده المفرد بزيادة، جمع ليعرف أن المراد المدلول المطابقي، مع التصريح باستغراق جميع الأنواع الداخلة تحت مفهوم المفرد، واختار جمع العقلاء تغليباً، إعلاماً بأنهم المقصودون بالذات فقال: ﴿للعالمين﴾ أي المكلفين كلهم من الجن والإنس والملائكة.
ولما كان كل من الكتاب والمنزل عليه بالغاً في معناه، عبر بما يصح أن يراد به المنذر والإنذار على وجه المبالغة فقال: ﴿نذيراً*﴾ أي وبشيراً، وإنما اقتصر على النذارة للإشارة إلى البشارة بلفظ ﴿تبارك﴾ ولأن المقام لها، لما ختم به تلك من إعراض المتولين عن الأحكام،


الصفحة التالية
Icon