والتحم جليل المعهود من ذلك النظام، وتضمنت هذه السورة من النعي على الكفار والتعريف ببهتهم وسوء مرتكبهم ما لم يتضمن كثير من نظائرها كقولهم
﴿ما لهذا الرسول يأكل الطعام﴾ [الفرقان: ٧] الآيات، وقولهم ﴿لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا﴾ [الفرقان: ٢١] وقولهم ﴿لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة﴾ [الفرقان: ٣٢] وقولهم ﴿وما الرحمن﴾ [الفرقان: ٦٠] إلى ما عضد هذه وتخللها، ولهذا ختمت بقاطع الوعيد، وأشد التهديد، وهو قوله سبحانه ﴿فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً﴾ [الفرقان: ٧٧] انتهى.
ولما تقدم ذكر منزل الفرقان سبحانه، وذكر الفرقان والمنزل عليه على طريق الإجمال، أتبع ذلك تفصيله على الترتيب، فبدأ بوصف المنزل سبحانه بما هو أدل دليل على إرادة التعميم في الرسالة لكل من يريد، فقال: ﴿الذي له﴾ أي وحده ﴿ملك السماوات والأرض﴾ فلا إنكار لأن يرسل رسولاً إلى كل من فيهما ﴿ولم يتخذ ولداً﴾ ليتكبر على رسوله ﴿ولم يكن له شريك في الملك﴾ ليناقضه في الرسالة أو يقاسمه إياها، فيكون بعض الخلق خارجاً عن رسالته، أو مراعياً لأمر غير أمره.
ولما كان وقوف الشيء عند حد - بحيث لا يقدر أن يتعداه إلى حد شيء آخر سواه، فهذا حيوان لا يقدر على جعل نفسه جماداً


الصفحة التالية
Icon