خافوا فصدقوا بالساعة جاعلين بينهم وبين أهوالها وقاية مما أمرتهم به الرسل؛ ثم حقق تعالى أمرها تأكيداً للبشارة بقوله: ﴿كانت﴾ أي تكونت ووجدت بإيجاده سبحانه ﴿لهم جزاء﴾ على تصديقهم وأعمالهم ﴿ومصيراً*﴾ أي مستقراً ومنتهى، وذلك مدح لجزائهم لأنه إذا كان في محل واسع طيب كان أهنأ له وألذ كما أن العقاب إذا كان في موضع ضيق شنيع كان أنكى وأوجع، وهو استفهام تقريع وتوبيخ لمن كان يعقل فيجوز الممكنات.
ولما ذكر تعالى نعيمهم بها ذكر، تنعمهم فيها فقال: ﴿لهم فيها﴾ أي الجنة خاصة لا في غيرها ﴿ما يشاؤون﴾ من كل ما تشتهيه أنفسهم ﴿خالدين﴾ لا يبغون عنه حولاً ﴿كان﴾ أي ذلك كله ﴿على ربك﴾ أي المحسن إليك بالإحسان إلى أتباعك ﴿وعداً﴾.
ولما أشار سبحانه إلى إيجاب ذلك على نفسه العظيمة بالتعبير ب «على» والوعد، وكان الإنسان لا سيما مجبولاً على عزة النفس، لا يكاد يسمح بأن يسأل فيما لا يحقق حصوله، قال: ﴿مسئولاً*﴾ أي حقيقاً بأن يسأل إنجازه، لأن سائله خليق بأن يجاب سؤاله، وتحقق ظنونه وآماله، فالمعنى أنه إذا انضاف إلى تحتيمه الشيء على نفسه