المباءة بمعنى المنزل، وبوأه إياه وبوأه له، أي أنزله، قال في ترتيب المحكم: وقيل: هيأته ومكنت له فيه. ويدل على أن إبراهيم عليه السلام أول بان للبيت ما في الصحيح «عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أيّ؟ قال: بيت المقدس، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة» ولما كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام نبياً، كان من المعلوم أن نبوته له لأجل العبادة، فكان المعنى: قلنا له: أنزل أهلك هاهنا وتردد إلى هذا المكان للعبادة، فذلك فسره بقوله: ﴿أن لا تشرك بي شيئاً﴾ فابتدأ بأسّ العبادة ورأسها، وعطف على النهي قوله: ﴿وطهر بيتي﴾ عن كل ما لا يليق به من قذر حسي ومعنوي من شرك ووثن وطواف عريان به، كما كانت العرب تفعل ﴿للطائفين﴾ به.
ولما تقدم العكوف فاستغنى عن إعادته، قال: ﴿والقائمين﴾ أي حوله تعظيماً لي كما يفعل حول عرشي، أو في الصلاة، ولأن العكوف بالقيام أقرب إلى مقصود السورة. ﴿والركع﴾ ولما كان كل من الطواف والقيام عبادة برأسه، ولم يكن الركوع والسجود كذلك، عطف ذاك، واتبع هذا لما بينهما من كمال الاتصال، إذ


الصفحة التالية
Icon