فيكون الضمير للرب ﴿وما يعبدون﴾ أي من الملائكة والإنس والجن وغيرهم ممن يعقل وممن لا يعقل؛ ونبه على سفول رتبتهم عن ذلك وعدم أهليتهم بقوله: ﴿من دون الله﴾ أي الملك الأعلى الذي لا كفوء له، وذكرها بلفظ «ما» إشارة إلى أن ناطقها وصامتها جماد بل عدم بالنسبة إليه سبحانه بما أشار إليه التعبير بالاسم الأعظم الدال على جميع الكمال، مع أن «ما» موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم وإن كان أكثر استعماله في غير العقلاء، وعبر سبحانه بقوله: ﴿فيقول﴾ بإعادة ضمير الغيبة بعد التعبير بنون العظمة في «نحشر» في قراءة غير ابن عامر لتقدم الجلالة الشريفة، تحقيقاً للمراد وتصريحاً به، وإعلاماً بأن المراد بالنون العظمة لا جمع، وقرأ ابن عامر بالنون موحداً الأسلوب: ﴿أنتم﴾ أي أيها المعبودات! بإيلاء الهمزة الضمير سؤالاً عن المضل، لأن ضلال العبدة معروف لا يسأل عنه ﴿أضللتم﴾ بالقهر والخداع والمكر ﴿عبادي هؤلاء﴾ حتى عبدوكم كما في الآية الأخرى
﴿ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون﴾ [سبأ: ٤٠] في أمثالها من الآيات كما في الحديث القدسي: «إني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاحتالهم الشياطين» ﴿أم﴾.
ولما كان السؤال - كما مضى - عن الفاعل لا عن الفعل، كان لا بد من قوله: ﴿هم﴾ أي باختيار منهم لإهمالهم استعمال ما أعطيتهم