من الجود وصلة الرحم والحلم والنجدة في الخير وإغاثة الملهوف وغيره ﴿فجعلناه﴾ لكونه لم يؤسس على الإيمان، وإنما هو للهوى والشيطان - باطلاً لا نفع فيه، وهو معنى ﴿هباء﴾ وهو ما يرى في شعاع الشمس الداخل من الكوة مما يشبه الغبار، فهو أشبه شيء بالعدم لأنه لا نفع له أصلاً.
ولما كان الهباء يرى مع السكون منتظماً، فإذا حركته الريح تناثر وذهب كل مذهب، معظم دخوله في حيز العدم مع أنه محسوس، قال مبلغاً في وصف أعمالهم: ﴿منثوراً*﴾ وهو صفة، وقيل: مفعول ثالث لجعل، أي جعلنا الأعمال جامعة لحقارة الهباء والتناثر.
ولما علم من هذا أن التقدير: فكاون بحيث إنهم لا قرار لهم إذا كانت النار مقيلهم، تلاه بحال أضدادهم فقال: ﴿أصحاب الجنة يومئذ﴾ أي يوم إذ يرون الملائكة ﴿خير مستقراً﴾ أي مكاناً يصلح للاستقرار لطيبه، ويكونون فيه في أكثر أوقاتهم مستقرين على سرر متقابلين يتحادثون، إشارة إلى أن منزل أولئك لا يمكن الاستقرار فيه


الصفحة التالية
Icon