ولما تأسف على مجانبة الرسول، تندم على مصادقة غيره بقوله: ﴿يا ويلتي﴾ أي يا هلاكي الذي ليس لي منادم غيره لأنه ليس بحضرتي سواه. ولما كان يريد محالاً، عبر بأداته فقال: ﴿ليتني لم أتخذ فلاناً﴾ يعني الذي أضله - يسميه باسمه، وإنما كنى عنه وهو سبحانه لا يخاف من المناواة، ولا يحتاج إلى المداجاة، إرادة للعموم وإن كانت الآية نزلت في شخص معين ﴿خليلاً*﴾ أي صديقاً أوافقه في أعماله لما علمت من سوء عاقبتها، ثم استأنف قوله الذي يتوقع كل سامع أن يقوله: ﴿لقد﴾ أي والله لقد ﴿أضلني عن الذكر﴾ أي عمّي عليّ طريق القرآن الذي لاذكر في الحقيقة غيره وصرفني عنه، والجملة في موضع العلة لما قبلها ﴿بعد إذ جاءني﴾ ولم يكن لي منه مانع يظهر غير إضلاله.
ولما كان التقدير: ثم ها هو قد خذلني أحوج ما كنت إلى نصرته، عطف عليه قوله: ﴿وكان الشيطان﴾ أي كل من كان سبباً للضلال من عتاة الجن والإنس ﴿للإنسان خذولاً*﴾ أي شديد الخذلان يورده ثم يسلمه إلى أكره ما يكره، لا ينصره، ولو أراد لما استطاع، بل هو شر من ذلك، لأن عليه إثمه في نفسه ومثل إثم من أضله.
ولما ذكر سبحانه أقوال الكفار إلى أن ختم بالإضلال عن الذكر،


الصفحة التالية
Icon