بل أعظم حتى نقضي أممهم من ذلك العجب، ولا يسعهم إلا الخضوع لكم والدخول في ظلال عزكم، ولما كان ذلك - لكثرة المعادين - أمراً يحق له الاستبعاد، قال عاطفاً على ما تقديره؛ ثم نصر إخوانك من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على من جعلهم أعداءهم ربُّك الذي أرسلهم: ﴿وكفى بربك﴾ أي المحسن إليك ﴿هادياً﴾ يهدي بك من قضى بسعادته ﴿ونصيراً*﴾ ينصرك على من حكم بشقاوته.
ولما ذكر سبحانه شكايته من هجرانهم للقرآن، وقرر عداوتهم له ونصرته عليهم، أتبع ذلك بما يدل عليه، فقال عطفاً على ما مضى من الأشباه في الشبه، وأظهر موضع الإضمار تنبيهاً على الوصف الذي حملهم على هذا القول: ﴿وقال الذين كفروا﴾ أي غطوا عدواة وحسداً ما تشهد عقولهم بصحته من أن القرآن كلام لإعجازه لهم متفرقاً، فضلاً عن كونه مجتمعاً، وغطوا ما وضح لهم من آثاره الظاهرة الشاهد بوحدانيته، وغير ذلك من صفاته العلية: ﴿لولا﴾ أي هلا.
ولما كانوا لشدة ضعفهم لا يكادون يسمحون بتسمية القرآن تنزيلاً فضلاً عن أن يسندوا إنزاله إلى الله سبحانه وتعالى، بنوا للمفعول في هذه الشبهة التي أوردها قولهم: ﴿نُزِّل عليه﴾ ولما عبروا بصيغة التفعيل