علم قطعاً أنه يعمر بهم دار الشقاء، وكان ذلك أدل على أنهم أعمى الناس عن الطرق المحسوسة، فضلاً عن الأمثال المعلومة، والتمثيل للمدارك الغامضة، وأنهم أحقر الناس لأنه لا ينتقص الأفاضل إلا ناقص، ولا يتكلم الإنسان إلا فيمن هو خير منه، قال معادلاً لقوله: ﴿أصحاب الجنة يومئذ خير﴾ [الفرقان: ٢٤] واصفاً لما تقدم أنه أظهره موضع الإضمار من قوله ﴿الذين كفروا﴾ [الفرقان: ٣٢] ﴿الذين يحشرون﴾ أي يجمعون قهراً ماشين مقلوبين ﴿على وجوههم﴾ أو مسحوبين ﴿إلى جهنم﴾ كما أنهم في الدنيا كانوا يعملون ما كأنهم معه لا يبصرون ولا تصرف لهم في أنفسهم، تؤزهم الشياطين أزاً، فإن الآخرة مرآة الدنيا، مهما عمل هنا رئي هناك، كما أن الدنيا مزرعة الآخرة، مهما عمل فيها جنيت ثمرته هناك «روى البخاري عن أنس رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا نبي الله! كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال:» أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ قال قتادة: يعني الراوي عن أنس: بلى وعزة ربنا «.