في آخر سورة النساء وغيرها، على أن أحداً ممن طالع التوراة لا يقدر على إنكار ذلك، فإنه بيّن من نصوصها. وزاد في التسلية بذكر الوزير، لأن الرد للاثنين أبعد، وفيه إشارة إلى أنه لا ينفع في إيمانهم إرسال ملك كما اقترحوا ليكون معه نذيراً، فقال: ﴿وجعلنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿معه أخاه﴾ ثم بينه بقوله: ﴿هارون﴾ وبين محط الجعل بقوله: ﴿وزيراً﴾ أي معيناً في كل أمر بعثناه به، وهو مع ذلك نبي، ولا تنافي بين الوزارة والنبوة.
ولما كانت الواو لا ترتب، فلم يلزم من هذا أن يكون هذا الجعل بعد إنزال الكتاب كما هو الواقع، رتب عليه قوله: ﴿فقلنا﴾ أي بعد جعلنا له وزيراً. ولما كان المقصود هنا من القصة التسلية والتخويف، ذكر حاشيتها أولها وآخرها، وهما إلزام الحجة والتدمير، فقال: ﴿اذهبا إلى القوم﴾ أي الذين فيهم قوة وقدرة على ما يعانونه وهم القبط ﴿الذين كذبوا بآياتنا﴾ أي المرئية والمسموعة من الأنبياء الماضين قبل إتيانكما في علم الشهادة، والمرئية والمسموعة منكما بعد إتيانكما في علمنا. فذهبا إليهم فكذبوهما فيما أرياهم وأخبراهم به من الآيات،


الصفحة التالية
Icon