تشويقاً إلى إدامة النظر إليه والإقبال عليه: ﴿ألم تر﴾ وأشار إلى عظم المقام وعلو الرتبة بحرف الغاية مع أقرب الخلق منزلة وأعلاهم مقاماً فقال: ﴿إلى ربك﴾ أي المحسن إليك، والأصل: إلى فعله؛ وأشار إلى زيادة التعجب من أمره بجعله في معرض الاستفهام فقال: ﴿كيف مد الظل﴾ وهو ظلمة ما منع ملاقاة نور الشمس، قال أبو عبيد: وهو ما تنسخه الشمس وهو بالغداة، والفيء ما نسخ الشمس وهو بعد الزوال. والظل هنا الليل لأنه ظل الأرض الممدود على قريب من نصف وجهها مدة تحجب نور الشمس بما قابل قرصها من الأرض حتى امتد بساطه، وضرب فسطاطه، كما حجب ظل ضلالهم أنوار عقولهم، وغفلة طباعهم نفوذَ أسماعهم ﴿ولو شاء لجعله﴾ أي الظل ﴿ساكناً﴾ بإدامة الليل لا تذهبه الشمس كما في الجنة لقوله ﴿وظل ممدود﴾ [الواقعة: ٣٠] وإن كان بينهما فرق، ولكنه لم يشأ ذلك بل جعله متحركاً بسوق الشمس له.
ولما كان إيجاد النهار بعد إعدامه، وتبيين الظل به غبّ إبهامه، أمراً عظيماً، وإن كان قد هان بكثرة الإلف، أشار بأداة التراخي ومقام العظمة فقال: ﴿ثم جعلنا﴾ أي بعظمتنا ﴿الشمس عليه دليلاً*﴾ أي يدور معها حيثما دارت، فلولا هي ما ظهر أن لشيء ظلاًّ، ولولا النور


الصفحة التالية
Icon