أكثر منافع الناس بالظل والشمس جميعاً، فالحاصل أنه يجعل بواطنهم مظلمة بحجبها عن أنوار المعارف فيصيرون كالماشي في الظلام، ويكون نفوذهم في الأمور الدنيوية كالماشي بالليل في طرق قد عرفها ودربها بالتكرار، وحديث علي رضي الله عنه في الروح الذي مضى عند «والطبيات للطيبين» في النور شاهد حسي لهذا المر المعنوي - والله الموفق.
ولما تضمنت هذه الآية الليل النهار، قال مصرحاً بهما دليلاً على الحق، وإظهاراً للنعمة على الخلق: ﴿وهو﴾ أي ربك وحده ﴿الذي جعل﴾ ولما كان ما مضى في الظل أمراً دقيقاً فخص به أهله، وكان أمر الليل والنهار ظاهراً لكل أحد، عم فقال: ﴿لكم الليل﴾ أي الذي تكامل به مد الظل ﴿لباساً﴾ أي ساتراً للأشياء عن الأبصار كما يستر اللباس ﴿والنوم سباتاً﴾ أي نوماً وسكوناً وراحة، عبارة عن كونه موتاً أصغر طاوياً لما كان من الإحساس، قطعاً عما كان من الشعور والتقلب، دليلاً لأهل البصائر على الموت؛ قال البغوي وغيره: وأصل السبت القطع. وفي جعله سبحانه كذلك من الفوائد الدينية والدنيوية ما لا يعد، وكذا قوله: ﴿وجعل النهار نشوراً*﴾ أي


الصفحة التالية
Icon