ليعم كل مكان فقال: ﴿ميتاً﴾ أي بما نحدث فيه من النبات بعد أن كان قد صار هشيماً ثم تراباً، ليكون ذلك آية بينة على قدرتنا على بعث الموتى بعد كونهم تراباً.
ولما كان في مقام العظمة، بإظهار القدرة، زاد على كونه آية على البعث بإظهار النبات الذي هو منفعة للرعي منفعة أخرى عظيمة الجدوى في الحفظ من الموت بالشرب كما كانت آية الإحياء حافظة بالأكل فقال: ﴿ونسقيه﴾ أي الماء وهو من أسقاه - مزيد سقاه، وهما لغتان. قال ابن القطاع: سقيتك شراباً وأسقيتك، والله تعالى عباده وارضه كذلك. ﴿مما خلقنا﴾ أي بعظمتنا.
ولما كانت النعمة في إنزال الماء على الأنعام وأهل البوادي ونحوهم أكثر، لأن الطير والوحش تبعد في الطلب فلا تعدم ما تشرب، خصها فقال: ﴿أنعاماً﴾ وقدم النبات لأن به حياة الأنعام، والأنعام لأن بها كمال حياة الإنسان، فإذا وجد ما يكفيها من السقي تجزّأ هو بأيسر شيء، وأتبع ذلك قوله: ﴿وأناسيّ كثيراً*﴾ أي بحفظنا له في الغدران لأهل البوادي الذين يبعدون عن الأنهار والعيون وغيرهم ممن أردنا، لأنه تعالى لا يسقي جميع الناس على حد سواء، ولكن يصيب


الصفحة التالية
Icon