فهو يوفق من يشاء فيجعله عذب المذاق، سهل الأخلاق، ويخذل من يشاء فيجعله مرير الأخلاق كثير الشقاق، أو ملتبس الأخلاق، عريقاً في النفاق، فارغب إلى هذا الرب الشامل القدرة، التام العلم.
ولما أثبت له بهذه الأدلة القدرة على كل شيء، قال معجباً منهم في موضع الحال من «ربك» عوداً إلى تهجين سيرتهم في عبادة غيره، معبراً بالمضارع، إشارة إلى أنهم لو فعلوا ذلك مرة لكان في غاية العجب، فكيف وهو على سبيل التجديد والاستمرار؟ ومصوراً لحالهم زيادة في تبشيعها: ﴿ويعبدون﴾ أي الكفرة ﴿من دون﴾ أي ممن يعلمون أنه في الرتبة دون ﴿الله﴾ المستجمع لصفات العظمة، بحيث إنه لا ضر ولا نفع إلا وهو بيده.
ولما كان هذا السياق لتعداد نعمه سبحانه، وكان الحامل للإنسان على الإذعان رجاء الإحسان، أو خوف الهوان، وكان رجاء الإحسان مقبلاً به إلى المحسن في السر والإعلان، قدم النفع فقال: ﴿ما لا ينفعهم﴾ أي بوجه.
ولما كان الخوف إنما يوجب الإقبال ظاهراً فقط، أتبعه قوله: ﴿ولا يضرهم﴾ أي أصلاً في إزالة نعمة من نعم الله عنهم،


الصفحة التالية
Icon