لا يعبأ بالشيء ﴿لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيراً﴾ [الفرقان: ٢١] ﴿أن لا تعلوا على الله﴾ [الدخان: ١٩] وهو في الحقيقة تهكم بالكفار، لأنهم يفعلون ما يلزم عليه هذا اللازم الذي لا يدور في خلد عاقل.
ولما كان التقدير تسلية له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فالزم ما نأمرك به ولا يزد همُّك بردهم عما هم فيه، فإنا ما أرسلناك عليهم وكيلاً، عطف عليه قوله: ﴿وما أرسلناك﴾ أي بما لنا من العظمة.
ولما كان سياق السورة للإنذار، لما ذكر فيها من سوء مقالهم، وقبح أفعالهم، حسن التعبير في البشارة بما يدل على كثرة الفعل، ويفهم كثرة المفعول، بشارة بكثرة المطيع، وفي النذارة بما يقتضي أن يكون صفة لازمة فقال: ﴿إلا مبشراً﴾ أي لكل من يؤمن ﴿ونذيراً*﴾ لكل من يعصي.
ولما وقع جوابهم عن قولهم ﴿لولا أنزل إليه ملك﴾ [الفرقان: ٧] وكان قد بقي قولهم ﴿أو يلقى إليه كنز﴾ [الفرقان: ٨] أشير إلى مزيد الاهتمام بجوابه بإبرازه في صورة الجواب لمن كأنه قال: ماذا يقال لهم إذا تظاهروا وطعنوا في الرسالة بما تقدم وغيره؟ فقال: ﴿قل﴾ أي لهم يا أكرم الخلق حقيقة، وأعدلهم طريقة محتجاً عليهم بإزالة ما يكون موضعاً للتهمة:


الصفحة التالية
Icon