أموالهم، نظراً إلى قول الكفرة ﴿أو يلقى إليه كنز﴾ [الفرقان: ٨] وهداية إلى طريق الغنى لأنه ما عال من اقتصد، فقال: ﴿والذين إذا أنفقوا﴾ أي للخلق أو الخالق في واجب أو مستحب ﴿لم يسرفوا﴾ أي يجاوزوا الحد في النفقة بالتبذير، فيضيعوا الأموال في غير حقها فيكونوا إخوان الشياطين الذين هم من النار ففعلهم فعلها ﴿ولم يقتروا﴾ أي يضيقوا فيضيعو الحقوق؛ ثم بين العدل بقوله: ﴿وكان﴾ أي إنفاقهم ﴿بين ذلك﴾ أي الفعل الذي يجب إبعاده.
ولما علم أن ما بين الطرفين المذمومين يكون عدلاً، صرح به في قوله: ﴿قواماً*﴾ أي عدلاً سواء بين الخلقين المذمومين: الإفراط والتفريط، تخلقاً بصفة قوله تعالى ﴿ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن نزل بقدر ما يشاء﴾ [الشورى: ٢٧] وهذه صفة أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عنهم - كانوا لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة ولا يلبسون ثوباً للجمال والزينة، بل كانوا يأكلون ما يسد الجوعة، ويعين على العبادة، ويلبسون ما يستر العورة، ويكنّ من الحر والقر،


الصفحة التالية
Icon