عبر به إلا للتوبيخ، لا للشك في أمرهم، بجعل الشرط ماضياً، ودل ب «كان» وبالظرف على ما تمكن الريب منهم فقال: ﴿كنتم في ريب﴾ أي شك وتهمة وحاجة إلى البيان ﴿من البعث﴾ وهو قيام الأجسام بأرواحها كما كانت قبل مماتها سواء، استعظاماً لأن نقدر عليه ﴿فإنا خلقناكم﴾ بقدرتنا التي لا يتعاظمها شيء ﴿من تراب﴾ لم يسبق له اتصاف بالحياة ﴿ثم من نطفة﴾ حالها أبعد شيء عن حال التراب، فإنها بيضاء سائلة لزجة صافية كما قال
﴿من ماء دافق﴾ [الطارق: ٦] وأصلها الماء القليل - قاله البغوي. وأصل النطف الصب - قاله البيضاوي. ﴿ثم من علقة﴾ أي قطعة دم حمراء جامدة، ليس فيها أهلية للسيلان ﴿ثم من مضغة﴾ أي قطعة لحم صغيرة جداً تطورت إليها النطفة ﴿مخلقة﴾ بخلقة الآدمي التمام ﴿وغير مخلقة﴾ أي أنشأناكم من تراب يكون هذا شأنه، وهو أنا ننقله في هذه الأطوار إلى أن يصير مضغة، فتارة يخلقها ويكون منها آدمياً، وتارة لا يخلقها بل يخرجها من الرحم فاسدة، أو تحرقها حرارته، أو غير مخلقة تخليقاً تاماً بل ناقصاً مع وجود الروح كشق الذي كان شق آدمي، وسطيح الذي كان علواً بلا سفل ونحوهما ﴿لنبين لكم﴾ كمال قدرتنا، وتمام حكمتنا، وأن


الصفحة التالية
Icon