له على دفع ما هدد به عابدوه ولا على غيره، فكيف بالصلاحية لتلك الرتبة الشريفة، والخطة العالية المنيفة، فقال منادياً أهل العقل منبهاً تنبيهاً عاماً: ﴿يا أيها الناس﴾.
ولما كان المقصود من المثل تعقله لا قائله، بني للمفعول قوله: ﴿ضرب مثل﴾ حاصله أن من عبدتموه أمثالكم، بل هم أحقر منكم ﴿فاستمعوا﴾ أي أنصتوا متدبرين ﴿له﴾ ثم فسره بقوله: ﴿إن الذين تدعون﴾ أي في حوائجكم، وتجعلونهم آلهة ﴿من دون الله﴾ أي الملك الأعلى من هذه الأصنام التي أنتم بها مغترون، ولما تدعون فيها مفترون، لأن سلب القدرة عنها يبين أنها في أدنى المراتب ﴿لن يخلقوا ذباباً﴾ أي لا قدرة لهم على ذلك الآن، ولا يتجدد لهم هذا الوصف أصلاً في شيء من الأزمان، على حال من الأحوال، مع صغره، فكيف بما هو أكبر منه ﴿ولو اجتمعوا﴾ أي الذين زعموهم شركاء ﴿له﴾ أي الخلق، فهم في هذا أمثالكم ﴿وإن﴾ أي وأبلغ من هذا أنهم عاجزون عن مقاومة الذباب فإنه إن ﴿يسلبهم الذباب﴾ أي الذي تقدم أنه لا قدرة لهم على خلقه وهو في غاية الحقارة


الصفحة التالية
Icon