البهائم أو الآدميين، جمع أعجم، وهو من لا يفصح وفي لسانه عجمة، والأعجمي مثله بزيادة تأكيد ياء النسبة ﴿فقرأه عليهم﴾ أي ذلك الذي نزلناه عليه على ما هو عليه من الفصاحة والإعجاز مع علمهم القطعي أنه لا يعرف شيئاً من اللسان ﴿ما كانوا به مؤمنين*﴾ أي راسخين ولتمحلوا لكفرهم عذراً في تسميته سحراً أو غير ذلك من تعنتهم ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهو مشركون﴾ من فرط عنادهم، وتهيئهم للشر واستعدادهم له، بل لا يسمعونه حق السماع، ولا يعونه حق الوعي، بل سماعاً وفهماً على غير وجهه.
ولما كان ذلك محل عجب، وكان ربما ظن له أن الأمر على غير حقيقته، قرر مضمونه وحققه بقوله: ﴿كذلك﴾ أي مثل هذا السلك العجيب - الذي هو سماع وفهم ظاهري - في صعوبة مدخله وضيق مدرجه.
ولما لم يكن السياق مقتضياً لما اقتضاه سياق الحجر من التأكيد، اكتفى بمجرد الحدوث فقال: ﴿سلكناه﴾ أي كلامنا والحق الذي أرسلنا به رسلنا بما لنا من العظمة، في قلوبهم - هكذا كان الأصل، ولكنه علق الحكم بالوصف، وعم كل زمن وكل من اتصف به فقال: ﴿في قلوب المجرمين*﴾ أي الذين طبعناهم على الإجرام، وهو القطيعة


الصفحة التالية
Icon