بما يوجد منهم من الإقدام على الطاعة، والإحجام عن المعصية.
ولما أفهم التخصيص أن ثم من يكذب بها وكان أمرها مركوزاً في الطباع، لما عليها من الأدلة الباهرة في العقل والسماع، تشوفت نفس السامع على سبيل التعجب إلى حالهم، فقال مجيباً له مؤكداً تعجيباً ممن ينكر ذلك: ﴿إن الذين لا يؤمنون﴾ أي يوجدون الإيمان ويجددونه ﴿بالآخرة زينا﴾ أي بعظمتنا التي لا يمكن دفاعها ﴿لهم أعمالهم﴾ أي القبيحة، حتى أعرضوا عن الخوف من عاقبتها مع ظهور قباحتها، والإسناد إليه سبحانه حقيقي عند أهل السنة لأنه الموجد الحقيقي، وإلى الشيطان مجاز سببي ﴿فهم﴾ أي فتسبب عن ذلك أنهم ﴿يعمهون*﴾ أي يخبطون خبط من لا بصيرة له اصلاً ويترددون في أودية الضلال، ويتمادون في ذلك، فهم كل لحظة في خبط جديد، بعمل غير سديد ولا سعيد، فإن العمه التحير والتردد كما هو حال الضال.
ولما خص المؤمنين بما علم منه أن لهم حسن الثواب، وأنهم في الآخرة هم الفائزون، ذكر ما يختص به هؤلاء من ضد ذلك فقال: ﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿الذين لهم﴾ أي خاصة ﴿سوء العذاب﴾ في الدارين: في الدنيا بالأسر والقتل والخوف ﴿وهم في الآخرة هم﴾