الالتفات. وقال القزاز في ديوانه: عقب - إذا انصرف راجعاً فهو معقب.
ولما تشوفت النفس إلى ما قيل له عند هذه الحالة، أجيبت بأنه قيل له: ﴿يا موسى لا تخف﴾ ثم علل هذا النهي بقوله، مبشراً بالأمن والرسالة: ﴿إني لا يخاف لديّ﴾ أي في الموضع الذي هو من غرائب نواقض العادات، وهي وقت الوحي ومكانه ﴿المرسلون*﴾ أي لأنهم معصومون من الظلم، ولا يخاف من الملك العدل إلا ظالم.
ولما دل أول الكلام وآخره على أن التقدير ما ذكرته، وعلم منه أن من ظلم خاف، وكان المرسلون بل الأنبياء معصومين عن صدور ظلم، ولكنهم لعلو مقامهم، وعظيم شأنهم، يعد عليهم خلاف الأولى، بل بعض المباحات المستوية، بل أخص من ذلك، كما قالوا «حسنات الأبرار سيئات المقربين»، استدرك سبحانه من ذلك بأداة الاستثناء ما يرغب المرهبين من عواقب الظلم آخر تلك في التوبة، وينبه موسى عليه السلام على غفران وكزة القبطي له، وأنه لا خوف عليه بسببه وإن كان قتله مباحاً لكونه خطأ مع أنه كافر، لكن علو المقام يوجب التوقف عن الإقدام إلا بإذن خاص، ولذلك سماه هو ظلماً فقال ﴿رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي﴾ وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها