الخبر مجلياً بعض إبهامه، هزاً للنفس إلى طلب إتمامه، فقال: ﴿وجئتك﴾ أي الآن ﴿من سبإ﴾ قيل: إنه اسم رجل صار علماً لقبيلة، وقيل: أرض في بلاد اليمن، وحكمة تسكين قنبل له بنية الوقف الإشارة إلى تحقير أمرهم بالنسبة إلى نبي الله سليمان عليه السلام بأنهم ليست لهم معه حركة أصلاً على ما هم فيه من الفخامة والعز والبأس الشديد ﴿بنبإ﴾ أي خبر عظيم ﴿يقين*﴾ وهو من أبدع الكلام موازنة في اللفظ ومجانسة في الخط مع ما له من الانطباع والرونق، فكأنه قيل: ما هو؟ فقال: ﴿إني وجدت امرأة﴾ وهي بلقيس بنت شراحيل ﴿تملكهم﴾ أي أهل سبأ.
ولما كانت قد أوتيت من كل ما يحتاج إليه الملوك أمراً كبيراً قال: ﴿وأوتيت﴾ بنى الفعل للمفعول إقراراً بأنها مع ملكها مربوبة ﴿من كل شيء﴾ تهويلاً لما رأى من أمرها.
ولما كان عرشها - أي السرير الذي تجلس عليه للحكم - زائداً في العظمة، خصه بقوله: ﴿ولها عرش﴾ أي سرير تجلس عليه للحكم ﴿عظيم*﴾ أي لم أر لأحد مثله.
ولما كان في الخدمة أقرب أهل ذلك الزمان إلى الله فحصل له من النورانية ما هاله لأجله إعراضهم عن الله، قال مستأنفاً تعجيباً: