فننظر ما يتكون فيهما بعد أن لم يكن من سحاب ومطر ونبات وتوابع ذلك من الرعد والبرق وغيرهما، وما يشرق من الكواكب ويغرب - إلى غير ذلك من الرياح، والبرد والحر، الحركة والسكون، والنطق والسكوت، وما لا يحصيه إلا الله تعالى، والمعنى أنه يخرج ما هو في عالم الغيب فيجعله في عالم الشهادة.
ولما كان ذلك قد يخص بما لم يضمر في القلوب كالماء الذي كان يخرجه الهدهد وكان ذلك قد يعرف بأمارات، وكان ما تضمره القلوب أخفى، قال: ﴿ويعلم ما تخفون﴾ ولما كان هذا مستزماً لعلم الجهر، وكان التصريح ما ليس لغيره من المكنة والطمأنينة، مع أن الإعلان ربما كان فيه من اللغط واختلاط الأصوات ما يمنع المستمع من العلم، قال: ﴿وما تعلنون*﴾ أي يظهرون.
ولما كان هذا الوصف موجباً لأن يعبد سبحانه وحده، صرح بما يقتضيه في قوله؛ ﴿الله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له؛ ولما كان هذا إشارة إلى أنه لا سمي له، أتبعه التصريح بأنه لا كفوء له فقال: ﴿لا إله إلا هو﴾ ولما كان وصف عرشها بعظم ما، قال: ﴿رب﴾ أي مبدع ومدبر ﴿العرش العظيم*﴾ أي الكامل في


الصفحة التالية
Icon