الفتاء في السن الذي صفرة العمر؛ ثم عللت أمرها لهم بذلك بأنها شأنها دائماً مشاورتهم في كل جليل وحقير، فكيف بهذا الأمر الخطير، وفي ذلك استعطافهم بتعظيمهم وإجلالهم وتكريمهم، فقال: ﴿ما كنت﴾ أي كوناً ما ﴿قاطعة أمراً﴾ أي فاعلته وفاصلته غير مترددة فيه ﴿حتى تشهدون*﴾ وقد دل على غزارة عقلها وحسن أدبها، ولذلك جنت ثمرة أمثال ذلك طاعتهم لها في المنشط والمكره، فاستأنف تعالى الإخبار عن جوابهم بقوله: ﴿قالوا﴾ أي الملأ مائلين إلى الحرب: ﴿نحن أولوا قوة﴾ أي بالمال والرجال ﴿وأولوا بأس﴾ أي عزم في الحرب ﴿شديد * والأمر﴾ راجع وموكول ﴿إليك﴾ أي كل من المسالمة والمصادمة ﴿فانظري﴾ بسبب أنه لا نزاع معك ﴿ماذا تأمرين*﴾ أي به فإنه مسموع.
ولما علمت أن من سخر له الطير على هذا الوجه لا يعجزه شيء يريده، ولا أحد يكيده، مالت إلى المسالمة، فاستأنف سبحانه وتعالى الإخبار عنها بقوله: ﴿قالت﴾ جواباً لما أحست في جوابهم من ميلهم إلى الحرب أن الصواب من غير ارتياب أن نحتال في عدم قصد هذا الملك المطاع؛ ثم عللت هذا الذي أفهمه سياق كلامها بقولها