﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد﴾ وقوله تعالى: ﴿وأن أتلو القرآن﴾ أي ليسمعوه فيتذكروا ويتذكر من سبقت له السعادة، ويلحظ سنة الله في العباد والبلاد، ويسمع ما جرى لمن عاند وعنى وكذب واستكبر، فكيف وقصه الله وأخذه ولم يغن عنه حذره، وأورث مستضعف عباده أرضه ودياره، ومكن لهم في الأرض وأعز رسله وأتباعهم ﴿نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون﴾ أي يصدقون ويعتبرون ويستدلون ويستوضحون، وقوله: ﴿سيريكم آياته﴾ يشير إلى ما حل بهم يوم بدر، وبعد ذلك إلى يوم فتح مكة، وإذعان من لم يكن يظن انقياده، وإهلاك من طال تمرده وعناده، وانقياد العرب بجملتها بعد فتح مكة ودخول الناس في الدين أفواجاً، وعزة أقوام وذلة آخرين، بحاكم ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ إلى أن فتح الله على الصحابة رضوان الله عليهم ما وعدهم به نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان كما وعد، فلما تضمنت هذه الآية ما أشير إليه، أعقب بما هو في قوة أن لو قيل: ليس عتوكم بأعظم من عتو فرعون وآله، ولا حال مستضعفي المؤمنين بمكة ممن قصدتم فتنته في دينه بدون حال بني إسرائيل حين كان فرعون يمتحنهم بذبح أبنائهم.
فهلا تأملتم عاقبة الفريقين، وسلكتم أنهج الطريقين؟ {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف


الصفحة التالية
Icon