وزوال ملكه على يده، بعد أن ولدته وخافت أن يذبحه الذباحون ﴿أن أرضعيه﴾ ما كنت آمنة عليه، وحقق لها طلبهم لذبحه بقوله: ﴿فإذا خفت عليه﴾ أي منهم أن يصيح فيسمع فيذبح ﴿فألقيه﴾ أي بعد أن تضعيه في شيء يحفظه من الماء ﴿في اليم﴾ أي النيل، واتركي رضاعه، وعرفه وسماه يماً - واليم: البحر - لعظمته على غيره من الأنهار بكبره وكونه من الجنة، وما يحصل به من المنافع، وعدل عن لفظ البحر إلى اليم لأن القصد فيه أظهر من السعة؛ قال الرازي في اللوامع: وهذا إشارة إلى الثقة بالله، والثقة سواد عين التوكل، ونقطة دائرة التفويض، وسويداء قلب التسليم، ولها درجات: الأولى درجة الأياس، وهو أياس العبد من مقاواة الأحكام، ليقعد عن منازعة الإقسام، فيتخلص من صحة الإقدام؛ والثانية درجة الأمن، وهو أمن العبد من فوت المقدور، وانتقاص المسطور، فيظفر بروح الرضى وإلا فبعين اليقين، وإلا فبطلب الصبر؛ والثالثة معاينة أولية الحق جل جلاله، ليتخلص من محن المقصود، وتكاليف الحمايات، والتعريج على مدارج الوسائل.
﴿ولا تخافي﴾ أي لا يتجدد لك خوف أصلاً من أن يغرق أو يموت من ترك الرضاع وإن طال المدى أو يوصل إلى أذاه ﴿ولا تحزني﴾ أي ولا يوجد لك حزن لوقوع فراقه.