قد ذهب منه كل ما فيه من المعاني المقصودة التي من شأنها أن يربط عليها الجأش؛ ثم وصل بذلك مستأنفاً قوله: ﴿إن﴾ أي إنه ﴿كادت﴾ أي قاربت ﴿لتبدي﴾ أي يقع منها الإظهار لكل ما كان من أمره، مصرحة ﴿به﴾ أي بأمر موسى عليه السلام من أنه ولدها ونحو ذلك بسبب فراغ فؤادها من الأمور المستكنة، وتوزع فكرها في كل واد ﴿لولا أن ربطنا﴾ بعظمتنا ﴿على قلبها﴾ بعد أن رددنا إليه المعاني الصالحة التي أودعناها فيه، فلم تعلن به لأجل ربطنا عليه حتى صار كالجراب الذي ربط فمه حتى لا يخرج شيء مما فيه؛ ثم علل الربط بقوله: ﴿لتكون﴾ أي كوناً هو كالغريزة لها ﴿من المؤمنين*﴾ أي المصدقين بما وعد الله به من نجاته ورسالته، الواثقين بذلك.
ولما أخبر عن كتمها، أتبعه الخبر عن فعلها في تعرف خبره الذي أطار خفاؤه عليها عقلها، فقال عاطفاً على ﴿وأصبح﴾ :﴿وقالت﴾ أي أمه ﴿لأخته﴾ أي بعد أن أصبحت على تلك الحالة، قد خفي عليها أمره: ﴿قصيه﴾ أي اتبعي أثره وتشممي خبره براً وبحراً،