والحذر منه فقال: ﴿إنه عدو﴾ ومع كونه عدواً ينبغي الحذر منه فهو ﴿مضل﴾ لا يقود إلى خير أصلاً، ومع ذلك فهو ﴿مبين*﴾ أي عداوته وإضلاله في غاية البيان، ما في شيء منهما خفاء.
ولما كان هذا الكافر ليس فيه شيء غير الندم لكونه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأته في قتله إذن خاص، وكان قد أخبر عنه بالندم، تشوفت أنفس البصراء إلى الاستغفار عنه، علماً منهم بأن عادة الأنبياء وأهل الدرجات العلية استعظام الهفوات، فأجيبوا بالإخبار عن مبادرته إلى ذلك بقوله: ﴿قال﴾ وأسقط أداة النداء، على عادة أهل الاصطفاء، فقال: ﴿رب﴾ أي أيها المحسن إليّ.
ولما كان حال المقدم على شيء دالة على إرادته فاستحسانه إياه، أكد قوله إعلاماً بأن باطنه على غير ما دل عليه ظاهرة فقال: ﴿إني ظلمت نفسي﴾ أي بالإقدام على ما لم يتقدم إليّ فيه إذن بالخصوص وإن كان مباحاً.
ولما كان المقرب قد يعد حسنة غيره سيئته، قال مسبباً عن ذلك: ﴿فاغفر﴾ أي امح هذه الهفوة عينها وأثرها ﴿لي﴾ أي لأجلي لا تؤاخذني ﴿فغفر﴾ أي أوقع المحو لذلك كما سأل إكراماً ﴿له﴾ ثم علل ذلك