﴿إني﴾ ولأكد الافتقار بالإلصاق باللام دون «إلى» فقال: ﴿لما﴾ أي لأي شيء. ولما كان الرزق الآتي إلى الإنسان مسبباً عن القضاء الآتي عن العلي الكبير، عبر بالإنزال وعبر بالماضي تعميماً لحالة الافتقار، وتحققاً لإنجاز الوعد بالرزق فقال: ﴿أنزلت﴾ ولعله حذف العائد اختصاراً لما به من الإعياء ﴿إليّ من خير﴾ أي ولو قل ﴿فقير*﴾ أي مضرور، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان قد بلغ من الضر أن اخضر بطنه من أكل البقل وضعف حتى لصق بطنه بظهره. فانظر إلى هذين النبيين عليهما الصلاة والسلام في حالهما في ذات يدهما، وهما خلاصة ذلك الزمان، ليكون لك في ذلك أسوة، وتجعله إماماً وقدوة، وتقول: يا بأبي وأمي! ما لقي الأنبياء والصالحون من الضيق والأهوال في سجن الدنيا، صوناً لهم منها وإكراماً من ربهم عنها، رغعة لدرجاتهم عنده، واستهانة لها وإن ظنه الجاهل المغرور على غير ذلك، وفي القصة ترغيب في الخير، وحث على المعاونة على البر، وبعث على بذل المعروف مع الجهد.
ولما كان سماعهما لقوله هذا مع إحسانه إليهما سبباً لدعاء شعيب عليه الصلاة والسلام له، قال بانياً على ما تقديره: فذهبت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه بخبرهما وبإحسانه إليهما، فأمر بدعائه ليكافئه: ﴿فجاءته﴾ أي بسبب قول الأب وعلى الفور ﴿إحداهما﴾ أي المرأتين


الصفحة التالية
Icon