حال كونها ﴿تمشي﴾ ولما كان الحياء كأنه مركب لها وهي متمكنة منه، مالكة لزمامه، عبر بأداة الاستعلاء فقال: ﴿على استحياء﴾ أي حياء موجود منها لأنها كلفت الإتيان إلى رجل أجنبي تكلمه وتماشيه؛ ثم استأنف الإخبار عما تشوف إليه السامع من أمرها فقال: ﴿قالت﴾ وأكدت إعلاماً بما لأبيها من الرغبة إلى لقائه في قولها: ﴿إن أبي﴾ وصورت حاله بالمضارع فقالت: ﴿يدعوك ليجزيك﴾ أي يعطيك مكافأة لك، لأن المكافأة من شيم الكرام، وقبولها لا غضاضة فيه ﴿أجر ما سقيت لنا﴾ أي مواشينا، فأسرع الإجابة لما بينهما من الملاءمة، ولذلك قال: ﴿فلما﴾ بالفاء ﴿جاءه﴾ أي موسى شعيباً عليهما الصلاة والسلام ﴿وقص﴾ أي موسى عليه الصلاة والسلام ﴿عليه﴾ أي شعيب عليه الصلاة والسلام ﴿القصص*﴾ أي حدثه حديثه مع فرعون وآله في كفرهم وطغيانهم وإذلالهم لعباد الله، وتتبع له الأمور على ما هي عليه لما توسم فيه بما آتاه اله من الحكم والعلم من النصيحة والشفقة، والعلم والحكمة، والجلال والعظمة.
ولما كان من المعلوم أنه لا عيشة لخائف، فكان أهم ما إلى الإنسان الأمان، قدم له التأمين بأن ﴿قال﴾ أي شعيب له عليهما الصلاة والسلام: ﴿لا تخف﴾ أي فإن فرعون لا سلطان له