لعظمه يحتقر كل أحد نفسه لأن يؤهله للكلام لا سيما والأمر في أوله فقال: ﴿إني أنا الله﴾ أي المستجمع للأسماء الحسنى، والصفات العلى.
ولما كان هذا الاسم غيباً، تعرف بصفة هي مجمع الأفعال المشاهدة للإنسان فقال: ﴿رب العالمين*﴾ أي خالق الخلائق أجمعين ومربيهم ﴿وأن ألق عصاك﴾ أي لأريك فيها آية.
ولما كان التقدير: فألقاها فصارت في الحال حية عظيمة، وهي مع عظمها في غاية الخفة، بنى عليه قوله: ﴿فلما رآها﴾ أي العصا ﴿تهتز كأنها﴾ أي في سرعتها وخفتها ﴿جان﴾ أي حية صغيرة ﴿ولّى مدبراً﴾ خوفاً منها ولم يلتفت إلى جهتها، وهو معنى قوله: ﴿ولم يعقب﴾ أي موسى عليه الصلاة والسلام، وذلك كناية عن شدة التصميم على الهرب والإسراع فيه خوفاً من الإدراك في الطلب فقيل له: ﴿يا موسى أقبل﴾ أي التفت وتقدم إليها ﴿ولا تخف﴾ ثم أكد له الأمر لما الآدمي مجبول عليه من النفرة وإن اعتقد صحة الخبر بقوله: ﴿إنك من الآمنين*﴾ أي العريقين في الأمن كعادة إخوانك من المرسلين؛ ثم زاد طمأنينته بقوله: ﴿اسلك﴾ أي ادخل على الاستقامة مع الخفة والرشاقة ﴿يدك في جيبك﴾ أي القطع الذي في ثوبك وهو الذي تخرج منه الرأس، أو هو الكم، كما يدخل السلك وهو الخيط الذي ينظم فيه الدرر، تنسلك على لونها وما هي عليه من